تشكل الزراعة الحضرية وشبه الحضرية غالبية الأنماط الزراعية المستخدمة في قطاع غزة ، حيث أن مصطلح الزراعة الحضرية يتم استخدامه للتعبير عن الزراعة داخل المدن بكاملها وكذلك في المناطق شبه الحضرية ، وهناك تنوع كبير في مفهوم نظام الانتاج القائم على الزراعة الحضرية وشبه الحضرية كالحدائق المنزلية والحدائق العامة الخضراء والبساتين الصغيرة والانتاج الحيواني وتربية الاسماك وانتاج الزيتون والتمور وغيرها.
لكن هناك قيود متعددة تحدّ من تطوير زراعة حضرية مستدامة واكثر صمودا في قطاع غزة (والضفة الغربية) ، حيث تجاهلت السياسات الحضرية وأنظمة تصنيف وتطوير الأراضي بشكل خاص امكانات الزراعة الحضرية كمصدر غذاء وباب رزق لفقراء المدن، وعلى الرغم من قدرتها على تخفيف وطأة الفقر، ما زال ينقصها اعتراف من المخططين وصانعي السياسة لاسيما أنه لا وجود يذكر للأبحاث التفاعلية التشاركية حول الإرشاد الزراعي الحضري والموارد الزراعية الحضرية والسياسات والاستراتيجيات المتعلقة بالأراضي الزراعية القائمة وغيرها من الأراضي الخصبة في اطار المدن ، لذلك تعتبر السياسات والمبادرات المؤسسية الإصلاحية هامة لتأمين الغذاء وتخفيف وطأة الفقر والتطور الحضري المستدام.
في الآونة الاخيرة لوحظ زيادة في نسبة الاراضي الزراعية في قطاع غزة على أثر الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 ، حيث ازدادت المساحة الزراعية من 170,000 دونم الى 192,000 دونم بعد تفكيك وانهاء الاستيطان الاسرائيلي في قطاع غزة، لكن وعلى الرغم من هذا الاتساع في المساحة الزراعية الا أن السنوات الاخيرة شهدت تراجعا مضطردا في الرقعة الزراعية ( حوالي100,000 دونم) لأسباب متعددة من اهمها ; تسارع النمو السكاني (3.5%) و تفتت الملكيات الزراعية (1-3 دونمات للمزارع الواحد) والتمدد العمراني الحضري وتزايد الطلب على شراء الاراضي لبناء المساكن الى جانب اجراءات الاحتلال الاسرائيلي بإقامة المنطقة العازلة على طول حدود قطاع غزة ( حوالي 17,000 دونم) حيث تعادل المناطق العازلة 15% من الأراضي الزراعية في القطاع والتي تعتبر أراض خصبة جدا خاصة بالزراعة ، كل هذه الاسباب أدت الى تراجع المساحة الزراعية بشكل كبير ، الأمر الذي أدى الى تراجع نسبة الاكتفاء الذاتي في بعض المنتجات الزراعية الى حوالي 50% علاوة على التراجع في الانتاج الحيواني الذي تعتمد عليه حياة البادية في قطاع غزة بشكل رئيسي حيث تتواجد في الأطراف الشرقية للقطاع في المنطقة الممتدة من وادي غزة حتى رفح، وتنتشر هناك عدة قبائل، وأنشأت قرى تضم هذه التجمعات البدوية كجحر الديك والمصدر، والنصر، والقرارة ووادي السلقا وغيرها.
إن الاوضاع الراهنة للقطاع المائي في قطاع غزة وبناء على الاحصائيات رسمية التي تناولت موضوع التزايد السكاني خلال العقدين الاخيرين وأثره على زيادة معدلات الاستهلاك المائي من الخزان الجوفي بحيث باتت نسبة الاستهلاك للأغراض المنزلية والزراعية والصناعة والخدمات وغيرها حوالي 160 مليون متر مكعب سنويا مقابل 80 مليون متر مكعب تغذي الخزان الجوفي وهو المصدر الطبيعي الوحيد للمياه في قطاع غزة ، مما يهدد بمزيد من تفاقم الازمات والمخاطر الصحية وتمدد مساحة الانكشاف الاقتصادي والزراعي والبيئي ، وفي مثل هذه الاوضاع من شح المياه العذبة فان نسبة كبيرة من المواطنين ( حوالي 70% يضطرون لشراء المياه لأغراض الشرب والاستخدام المنزلي الامر الذي ادى الى زيادة الاعباء العائلية لألاف الأسر ، مقارنة بالمعايير العالمية التي تؤكد على ان حد الفقر المائي 500 متر مكعب للفرد سنويا ، ما يعني 1.3 متر مكعب يوميا ، وبالتالي فإن هناك حاجة ماسة لتحقيق مبادرات مجتمعية محلية وحكومية لاستراتيجيات التكيف الايجابي مثل بعض مشاريع حصاد مياه الامطار(من اسطح الدفيئات الزراعية) ومعالجة المياه الرمادية، ومياه الصرف الصحي للاستخدامات الزراعية ولو بشكل محدود.
بالنسبة لقطاع الصيد البحري، فهناك حوالي 3600 صياد مع اسرهم يعانون من حالات الضرر والانكشاف غير المسبوق من اجل تأمين سبل العيش البالغة الصعوبة أصلا ، اذ أنهم ما زالوا محاصرين ضمن مساحة صيد لا تزيد عن 3 اميال بحرية ، وجدير ذكره ان الانتاج السنوي لقطاع الصيد في غزة يتراوح ما بين 2000 الى 2500 طن، بينما الحاجة السنوية الفعلية تصل الى اكثر من 8000 طن سنويا. وفي مواجهة تلك الاوضاع المعقدة تمكن عدد من الصيادين وبالتعاون مع المزارعين من المبادرة بتطوير استراتيجية تكيف ايجابية ناجحة ومشجعة لإيجاد بدائل للإنتاج السمكي خارج مياه البحر عبر المشاريع الخاصة بالاستزراع السمكي.